عندما يتألم الكاتب
قد يثور .. يهدأ .. لا يبالي .. و... حتى تصل الخمسين وربما المائة ، وفي أحسن الأحوال يمسك بقلمه ويكتب.
لا يوجد أمامه وسيلة للتعبير عن غضبه ، وألمه واحتجاجه سوى أن يكتب ، حتى وأن رفض لمئات المرات.
المرة الأولى ليست عذر ليترك قلمه ويتنحى جانباً .
قد يرّفَض لأسباب عدة ، ليس من شأنه التباحث حولها.
يتألم بصمت أحياناً ، يقسو على نفسه كثيراً ويشفق آخرى .
عليه أن يستشف مصادر قلقه ويستقرئ مكامن وجعه ويخيط ثياب الحقيقة التي تهالكت ويلم شتات حياته وفكره.
يصف بدقة مكامن الألم الذي تتضوع منها النفس الإنسانية .
الكتابة لم تكن في يوم من الأيام فائض عن الحاجة ، أو مجرد رغبة في التعبير عن الذات والحياة ، أو ترف معرفي ونزق خيالي ، بل للنص سلطته على الشعور والنفس ، بما يملك من إرادة تمكنه من ضبط نوازع السلوك وهيمنته على الوعي ، وتقويم اعوجاج النفس ، واثراء الجانب المعرفي والوجداني ، والوصول إلى أبعد نقطة يصل إليها الشعور في قرارة النفس البشرية، واثراء التجارب الإنسانية وحض الذهن والعقل على مجابهة الحياة والسير عبر متاهات النفس فقد تكشف له كثير من حقائقها، ويتعرف على أدوار وأشكال في الحياة لم تدر بخلده، ويعيش تجارب متعددة وهو ساكن و قابع في مكانه يقرأ في كتاب .
مع كتاب
كانت وتيرة الخوف ترتفع كلما قل عدد الأسطر التي تقرأها كي توصلك للخاتمة ، أصبحت أرى السطور طريق سريع لانهاية له ، والسرعة العالية تحجب عنك رؤية تفاصيل ذلك الطريق ، هذا ما تشعر به عند انغماسك داخل كتاب شد انتباهك واثار حفيظتك لمتابعة المزيد، تتمنى الوصول الى النهاية بأسرع ما يمكن تخشى من عواقب انفلات الأمور من بين يديك وإن يرغمك الكاتب على اكتشاف النهاية بنفسك ، هذ ما لا أريده في تقصي حدث أقرأ عنه ، يرتكب الكاتب خطأ جسيم عندما يعلّق أمل القارئ فوق منصة الانتظار ليجعله أسير التوقع.
يتركك مع سيل أفكارك لتجرفك حيث لا تستطيع ادراك الكيفية التي يستند عليها موضوعه . وأنت تريد النتيجة التي توصلك بر الأمان وتشفي عقلك من مغبة الانتظار.
نص مفتوح ٢
تتكسر ألواح الإنتظار
على أمواج السكون
فمتى يهّب نسيمك ؟
لنغرف الفرح من أوعية
الصمت الملأ بالثقوب
وساكن الجوف
لا يحرق المناديل
المنتشية بعطر اللحظة
قاوم اندفاع الباب
باتجاه الريح
فربما تصمت العصافير
وقت السحر
الكتابة عالم استقلالي
الكتابة تستقل وتنفرد بذاتها عن ذات الفرد.
تكون جزء من عالمه ، لكنها لا تمثل حقيقة عالم ودوافع الإنسان.
الكتابة تعبر عن الصورة المماثلة في الخيال بصرف النظر عن حقيقتها.
تعيش لحظتين في آن واحد ؛ لحظة الخيال ممزوجة بالواقع أو
مختلطة به ولحظة الواقع مقترنة بالخيال فتكون الصورة الثالثة
مزيج من الاثنتين معاً.
تصبح الصورة مشوهة إن بالغت في وصفها ، وحالمة إن تعمقت في الخيال وجنحت بعيداً عن أرض الواقع.
الكتابة مزيج من الرؤى والمسلّمات والعناصر ترتبط فيما بينها لتؤلف
وحدة النص ، وتختلف في مصداقية عمقها وقربها من الواقع.
الصمت
الصمت لحظة تصالح مع الزمن
...
الصمت ليس تعبير عن مشاعر بقدر ماهو لحظة تراجع فيها النفس ذاتها.
...
الصمت قد يكون بسبب جرح مازال ينزف ، ثقب في القلب يتسرب منه الألم.
حقائب المسافرين
تصطف العاصفة بجانب
الرياح.. لتقف في وجه
المدى الذي يحاول
انتزاع اعترافات الكون
...
يدرك البحر أن الشاطئ
ينتظره .. يرقب تحركاته
لينجو من ثورته
...
ستنقضي الأيام
ويغادر الجميع
بينما تظل حقائب المسافرين
تحمل الفجيعة
عندما تندرج ضمن قائمة كتاب
لو دعاك أحد للحديث عن نفسك ، أو الكتابة عنها ، ستعجز عن ذلك ، وقد لا تستطيع اعطاء صورة واضحة عن نفسك يتوه مجالك ، ويتشتت خيالك .
بينما لو قرأت كتاب ، تجد وصف دقيق لشخصيتك ومفاهيمك وأفكارك.
تجد بين سطور الكتاب أحلامك وأمالك ، وتوقعاتك ، تجد نفسك مرسوم بدقة من خلال صفحات بعض الكتب التي تقرأها.
أين تكمن المفارقة؟ في عدم تحديد نفسك والوصول إليها بسهولة بمفردك ، وبين أن تجد أحدهم يصفك داخل كتاب وهو لا يعلم عنك شيئاّ ، تجد كاتب في آخر أصقاع العالم ويكتب وكأنه يتحدث عنك ، بينما أنت بمفردك لم تستطيع الوصول إلى الجزء الأعمق منك ، من ذاتك وتفكيرك ، وخلال سير القراءة تعرفت على نفسك هناك أكثر .
ألهذا يتشابه البشر في قوة انجذابهم للنصوص لإنها تعبر عنهم بمقدار ما ألفوه من حياتهم ، وتصف شعورهم وتقرأ أفكارهم.
أنت لا تقرأ لتكتشف نفسك ، بل تجدها أمامك مباشرة موجودة داخل ما تقرأ، وكأن الكاتب يتحدث من أعماقك.
ثمة كلمات
ثمة كلمات
قادرة على
انتشالك
من الغرق
...
تلك الليلة
الموغلة في النسيان
تتغذى على شواطئ
الأحلام
....
الكلمات الضيقة
لا تجد لها
متسع
...
يختزل الوعي ما تبقى من
الشعور ليثير جنون
الكلمات
القراءة واكتشاف الذات
تلهمك القراءة المعرفة داخل حدودها بأهمية الذات والتعرف عن كثب عن محتوياتها ومفاهيمها.
الإنسان بمفرده لايستطيع اكتشاف أكثر العوالم المجهولة عنه ومنها الذات.
التعاون المثمر الذي ينتج بفعل القراءة ، يكون السبيل الوحيد لمعرفة كيف تفكر؟ وكيف يعمل عقلك؟ ...الخ
وكثير من الأسئلة التي تدور داخل مخيلتك تجيب عنها القراءة.
يعيش الإنسان بمعزل عن ذاته خارج القراءة، وتنظم إليه أفكاره وذاته مع القراءة ليتشاركا في خلق الإبداع ، ويستشعر المواطن التي تعزز شعوره وحدسه وتثير بداخله نوازع وقيم ما كان ليتعرف عليها لو بقي محجوز داخل ذاته .
تنشئ القراءة لديك قوة الدافع وتحفيزك لاجتياز عتبات الحياة.
بما تمنحه لك من انفتاح غير مشروط على دروبها ومسالكها التي لا تفطن إليها في الغالب.
يتفتح ذهنك عليها وتستقر رؤيتك باتجاهها.
العوالم القصصية
نتجول داخل العوالم القصصية للمتعة والفائدة، واكتشاف عوالم جديدة.
وصور خاصة يبثها القاص لنستمتع برؤيتها ونشاركه رسم معالم الوجود.
كل ذلك يحدث ونحن مهووسون بالبحث عن امتلاك زمام المبادرة أمام النص لنحرّك وجهة العدسة لالتقاط العبارات والمعاني التي أراد الكاتب ايصالها.
عندها لن نقف عاجزين عن التقاط المدهش والمثير الذي حرك الرغبة لاكتشاف المزيد من الروعة والجمال فيما حولنا.
أو أصابنا بالخيبة نتيجة صعقنا بكم وافر من المشاعر المتناثرة والاحاسيس المجروحة التي صفعت صمتنا تجاه الأشياء.
وعدم احتساب قيمة الأشياء داخل الوعي وتجاهلنا لكثير من مجريات الأحداث فيما حولنا.
فأهمية الأشياء في حياتنا تحدد حاجتنا إليه.
هذا ما يحدث عندما نقرر نسيان أو تناسي أو تجاهل ما نعتقد عدم أهميته.
فقد يمثل للآخرين ركيزة ودعامة من دعائم حياتهم.
خاطرة
تمر بسلاسل مختلفة متنوعة من الأفكار على مدار حياتك ، وكل سلسلة تلقي مفاتيحها داخل كلماتك.
وكتاباتك تتشكل وفقا لمعتقداتك وثقافتك.
تكتب ملئ بحس اللحظة التي تعبئ وجودك ، وتملأ إرادتك.
مرات تشعر بأنك تطرق على الحديد لتنحت الحروف التي تملأ أعماقك.
وآخرى تنقش على الخشب ذاتك لتنطق الكلمات بعمق اللحظة.
في كل مرحلة من مراحل الكتابة تلتفت وراءك لتري التباين الشاسع بين مرحلة و التالية من حياتك.
في الكتابة ترتقي سلالم متعددة. البداية كانت صخب وضجيج الأعماق وفورة الكتابة بدون وجهة معينة ، وإنما تفريغ طاقة الكتابة ، تقدح زناد الحروف فتشتعل الكلمات على الورق.
ثم تتضح أمامك الرؤية وتتفتح أبواب عديدة ، بعد أن يتراخى الموج تدخل أعماقه تسير في خطوات متوازية لتضبط ايقاع الحياة داخل ذاكرتك .
أتمنى على القارئ مضاعفة جهده لفهم النص ، دون تقييد حريته، ومنحه يقظة داخل الوجدان.
النصوص لها مداخل ومخارج داخل أفاق الكتابة، فالاختيار الجيد لابد أن يكون صفة ملازمة لكلّ قارئ، يختار ما يناسب ذوقه وطموحه في الحياة.
والا يسمح للنص والناص فرض سيطرته ورقابته عليه. إنما القارئ من يحدد اتجاه القراءة نحوه. واتجاه الفكرة ؛ إضافة وتعديل ومراجعة كلّ ما من شأنه أن يتنافى مع ثقافته _ يتم هذا داخلياً في وعي القارئ_
لا أنصح القارئ أبداً بتسليم إرادته للنص والناص معاً ، بل اقتفاء أثرهم داخل مخيلته، واختزال ما يراه مناسباً.
فحسن الاختيار من القارئ للنص ضرورة من الضرورات التي يدعو لها الكاتب دوماً.
افرض نفسك على النص، قاوم بشدة تسليم إرادتك للنص السيء لأنه لا يستحق أدنى التفاته.
كلّ ما من شأنه أن يتدفق إلى عقلك الباطن سيبقى أبد الدهر ، لن تمحوه السنين، ابقى مع النص الجيد ، عش تجربته وانفعالاته.
كثير من الخيوط
كثير من الخيوط تتلاقى داخل النص، كثير من الأمور تتقاطع وتتضح عند رؤية الأمور من زوايا مختلفة.
تعثر داخل النص على أحلام موءودة ، تتحسس بكلتا يديك جدار تلك الأبنية المهشمة
التي تضم بين جنباتها الكثير من الأحلام والطموحات التي أرهقت أصحابها، وهشمت نفوسهم.
قد تتحسن صور المستقبل أمامك، وقد تنعدم الرغبة لديك وتضمحل قرارات كنت بصدد اتخاذها.
تتخاذل أمامك كثير من الفرص ، بنية النص شديدة التعقيد حيال خيالك الواسع ، فهي تمر من خلاله، فتضيق أمور وتفتح أفق واسع لأمور هامشية.
نصائح للمبتدئين في الكتابة
لا تبحثوا عن الشفقة من القراء ، قاموا عجزكم وضعفكم بالاعتماد على أنفسكم _ بعد العون من الله سبحانه وتعالى_ لا تطلب ذلك عنوة من أحد.
تجنبوا الخوض في تفاصيل لاتهم أحداً سواكم بعيدة عن روح الأبداع والعمل الأدبي.
تتبعوا خُطاكم داخل النصوص ، قاوموا الزلل والخلل الذي ينتج من كثرة تدفق الأفكار.
ابعدوا الأفكار السلبية التي تعلق بأذهانكم لحظات الإبداع.
ابحثوا عن الحس الوجودي والشعوري داخل التجربة ، فمن الابتذال في الكتابة تسول المشاعر والعواطف من القراء.
ابنوا قوانينكم الخاصة للأبداع وطوروها باستمرار.
تجنبوا الوقوع في مزالق الكتابة ، فالكتابة قد تجر الكاتب نحو أمور وقضايا شائكة.
اياكم والاندماج مع خواطركم غير المستساغة والتجارب غير الناضجة للأبداع.
جربوا مراراً وتكراراً الكتابة ثم فكروا بالنشر.
اسسوا قواعدكم الخاصة بكم ولا تسرفوا في اقتفاء كل أثر، بل ازرعوا بذور الثقة بذاتكم.
يريد القارئ أسباب تُعينه وتقّويه على معنى وفعل القراءة.
فالقراء يختلفون باختلاف قراءتهم والكتب التي يقروأنها، فلكل قارئ عالمه الذي يطمح إليه.
فالقارئ الذي ينصت باهتمام لما كُتب لا يعنيه أمر القراءة بقدر ما يريد الحصول عليه ،معرفة أو فضول أورغبة تسيطر عليه أثناء القراءة، يريد اثبات ملكية ذلك الشيء الذي يبحث عنه.
توجد أسباب متعددة لقراءات مختلفة. فالقراءات المتعددة تفرز خيارات متنوعة ، وبإمكان القارئ أن يبحث عن ما يعنيه داخل السطور.
نخطئ التقدير
نخطئ التقدير أحيانا ، بل كثيراً ظناً منا أن الآخرون يمتلكون نفس أدوات الفهم التي نمتلكها، ويستطيعون بكل سهولة قراءة أفكارنا ، دون الحاجة لتبرير مواقفنا وأراءنا .
تلك الفكرة التي نعتقدها، بينما الحقائق لا تطابق ذلك أبداً
ولاتشفع لنا أمور كثيرة في تقبل وجهة النظر التي نؤمن بها على أقل تقدير
فالآخرون لهم مقاييسهم أيضا واتجاههم الذي يحملونه في خط سيرهم في الحياة.
فلاأحد يشبه أحداً في ميوله ورغبته واتجاهه مهما تظاهرنا بذلك ، وإلا لما ظهر الخلاف عند أقل محور وأضعف قاعدة .
فالنفس البشرية لا تؤمن بحدود الآخر داخل حدودها، ولاترغب في موازنة الحقائق التي تقوم عليها الأدلة العقلية التي تسترشد بها المواقف.
قف عند حدود نفسك ، ولاتتجاوز قوارب الاخرون ، فأفكارهم تسبح في مياه أقليميه تخصهم وحدهم ولا شأن للأخرين بهم.
وأنت كذلك رؤيتك لك ، نظرتك أنت الذى تحددها في الحياة ، وأسلوبك أنت من يقرره.
النص والقارئ
تداخل الانفعال بين النص والقارئ
يأخذنا القاص في رحلة داخل الأعماق لنكتشف جزء من الحقيقة المغيبة عن أذهاننا.
ونكف عن مسايرة رغباتنا في التخلص منها، لنحوّل دفة الصراع مع العالم الخارجي باتجاه ذاتنا.
فهناك في الأعماق ما يثير الدهشة ، وحرى أن نبحث عنه وأن نفتش في البقايا عن لحظات صمت تركت معلقة، وعن فراغ يحيط بالحياة.
ويجمد المشاعر ، فراغ لم نستطيع تفكيك رموزه وحل عناصره.
لعله يحمل الكثير من الحلول لمشاكل تؤرقنا وتثقل كواهلنا.
قراءة في قصيدة
قراءة في قصيدة "بعيداً عن العراق"
للشاعرة بشرى البستاني
كل شيء يمكن تأجيله
إلا حضورك
ودمعة ساخنة
حضور باذخ لغياب حاضر في ذهن القصيدة ، يتربع على وعي السامع أو القارئ المتخيل ، داخل النص وخارج السياق.
تمتلأ إراداته بشغف التعلق بشيء ما، يدركه الوعى ، مركون في زاوية من زوايا روحه وخبايا عقله.
يستنطقه النص ؛ ليملأ فراغ الفضاء ، ويفصح عن مكنوناته الغائرة في عمق الذاكرة. ويستدعيه على البوح ضمن آفاق الممكن والا مستحيل.
لا أستطيع أن أقول لحضورك انتظر
فالحرب تلعب في العراء
وأنا غير راضية عني
لأني بقيت واقفة ودجلة يبتعد
تضاد حركة الفعل مع الزمن ، داخل مخيلة الشاعر يحدد هوية النمط الذي يرسمه حول معصم الواقعة ، أو الحدث ، فهو من ينفث روحه داخل الوعى لتتسرب ، معطياته واتجاهه نحو حدث ما ، ويستقرئ مكامن الوجع ، داخل سحابة الوقت التي تمضي سريعاً دون رحمة في تقصي كشف حقائق أسرار الوجود ونزع اعترافات تتواءم وسلوك اللحظة.
بقيت واقفة ودجلة يبتعد. أصبح الوطن كالسراب ، يتلاشى أمام نظرها ، وهى واقفة تنظر إليه .
عندما تصاب النفس الإنسانية ، تشكلنا برؤيتها، ليتدفق الإبداع في البحث عن مكامن الفقد والبعد والحرمان.
فتصبح الزوايا خيوط أو شبكة نمسك بها، ونحرك العالم كيما نشاء بالكلمات.
فتتحرك الأشياء الساكنة أمامنا، ونجعلها من تغادر.
حجم الفاجعة كبير جداً وثقيل على النفس، لذلك تنجرف معه كل الأحلام ، والآمال ، والأوطان.
لنسقط في هوة الوداع المقيتة، التى فرضتها قيود الحياة.
بعيداً عنك
لا أنام ولا أصحو
وانتظر الهدهد
تكتمل مشهدية الإنتظار ، بنزوع النص نحو تفكيك الوجع، وتأصيل مشروعية اللقاء المرتقب، العودة إلى الحضن الدافئ ( الوطن).
إذا كنت هناك أتننفسك
فماذا سأتنفس وأنت بعيد..؟
أه... ما أوجع أن أتنفس بعيداً
عنك
عن مياهك التي تطوق ذاكرتي
ودغلك الذي يوشوشني
وعن الرصاص الذي لم يتعب من الخطيئة
لم يعد سراً اكتمال مشهدية الوجع ، وقد بلغ منتهاه .
تركت باب النص مفتوح ، لنمضي في تقصي حقائق هذا الكيان ، بحض الذاكرة على الاستقلاب- من (الانقلاب ) على الوجع ، وترقيع حدوده. والتغلب على مصادرة كتمان الإحساس بالفراق والبعد.
والبوح بمشاعر أنهكتها الذكريات والحرب.
استقرار نمطية الوجع داخل مفهوم الوعي ، يفرض نظام محدد مع
علاقات الشاعر بالأشياء، والأمكنة ، والأزمنة فهي تتألف حسب
مقتضى الشعور.
كلما علمتني قانون التعود
يعاودني صوتك مستفزاً
براعُتكِ في القدرة على كسر القانون
فأختار البراعة وأكسر القانون
وأتبعك
كل شيء يصبح عصي على الفهم ، عندما تتفلت ارادة الحياة
داخل الوعي ، لتقف النصوص في مواجهة الواقع الذي يرفض الانصياع لقوانين وارادة الحياة.
غيابك وزر يجثم على صدري
وزر يقطع أوصال صبري
آه.. من المجروح أنت أم أنا..؟
في جزء من الذاكرة يحتاج إلى ترميم، يظل يقتات من حياتنا،ويشعل فتيل الثورة داخل المشاعر، لتتم على يديه إبادة ما تبقى من أمنيات.
على كتفيك تنفرط عناقيد وجعي
ويموت البجع الأخضر في دمي
وأضل متشبثة بساعديك
بينما القطار يدهسنا
تنفرط عناقيد الوجع، فنتشبث برداء الأمل ليغطي ضجيج الروح وينتشل الوهم من أضلاع الحقائق المكتنزة داخل طوابير الإنتظار . ليمضي الزمن وقد أخذ معه ما تبقي من حلم العودة إلى الوطن.
قلت لي ، نولد ونمو ت فرادى
قلتُ، لماذا أنتظرك صباح ومساء إذاً
ينغمس النص في سؤال تكتمل معه بنية الحوار
المنزاح داخل ذات أرهقها الإنتظار.
نهران يشتعلان في دمي
نهران من خمر وشهد وحمى
وتراب من زبرجد
حمى الوجع تستشري نيرانها تتغذى على يقظة اللحظة
لتغافل القصيدة عن مسارها داخل الوعي فيحكم اغلاقه على مسارات الهمس داخل مسام القصيدة.
أتمرن كل ليلة على
جملة واحدة
عذبتني وسأنسك
أتمرن على همس
لا أحبك
فمن يمحو اللاءات
فجر كل يوم
ويثبت على اللوح
المحفوظ.. أحبك!
تتعذب القصيدة بين يدي الشاعر عندما يمنحها كنوزه
فترسم لاءاته في وجه الفعل المتعدي على قدسية اللحظة .
الكتابة
الكتابة إعادة قراءة للنص المكتوب بزاوية متدرجة أو مكثفة للرؤيا التي خرجنا بها من النص.
```
الكتابة فعل مجازي يحرّض على البحث عن صور ومعاني للحياة.
```
لا يكون لديك تصور مسبق ولا أدنى فكرة عما تكتب في معظم الأحيان.
```
مساحة التعبير تضيق في جهة وتتسع في جهة آخرى.
```
ما أكثر ما نجد أنفسنا محاصرين داخل شعب الكلمات وتفرعات المعاني.
```
طبيعة العلاقة بين النص والناص
عندما ينتهي الكاتب من كتابة نصه؛ يصبح النص غريب عنه، فهو مثل القارئ يجهل أبعاد وأعماق النص، ولايعي درجة امتثال النص له.
للنص كيان وحيز يتصل بالناص وقت الكتابة ثم ينفصل عنه، ويصبح له شخصيته المستقلة التي تفرض وجودها على الناص والقارئ معاً.
القارئ يريد معرفة الحدود التي يضع الناص نفسه بداخلها أثناء الكتابة ويرغب في معرفة تفاصيل العملية الكتابية، لديه تساؤلات عديدة حول النص من خلال الناص.
وذلك لا يمكن للناص معرفته والتكهن بما فيه.
بعض أسئلة القرّاء لمعرفة أدق تفاصيل العمل الأدبي لا تعني الناص بقدر ما يعنيه الجهد المبذول في سبيل إتمام عملية إنشاء وبناء النص.
و لا يملك حلول لتلك الأسئلة التي تدور حول طريقة انشاؤه للنص، أو تحديد نوعية العلاقة التي نشأت بينه وبين النص ، فهي أشبه بعلاقة عابرة ، أقتص الناص تلك اللحظة ووثقها .
بأن جمدها وايقظها داخل إحساس وشعور القارئ. الناص يشتغل على ذات النص بعيداً عن السبب الذي دفع بالنص للظهور والمثول أمامه.
نص مفتوح
الروح تشع بالألم
والوجع يحتضن
العالم
والبوح يجرّد سيفه
ليقتص أحلامه
من جذوع النخل
وطفلة النهر
تشرب من دمعها
ماءاً
تسقي ظلال التل
بعد أن جف حلق
النبع
ورواية لم تنتهي
عن قتلى
يملأون الأسى
نماذج من القرّاء
تقرأ نماذج من كتابات محبي القراءة والّشغُوفِين بها، لتجد بوناً شاسعاً بين قراءتهم وكتاباتهم التي لا تتماشى مع حجم الفضاء الذي نشأت فيه أفكارهم ، ونظرتهم السطحية تجاه الأحداث والمواقف، لا أقول البعض أو معظمهم بل فئة منهم.
يبدو أن القراءة تبدد نشاطهم الذهني وتجعل من القارئ أسير نظرة الكتّاب الذين يقرأ لهم، فلا تجد العمق الذي ترنو إليه ولا الدهشة التي تجذبك نحو النص.
من الواضح أن هناك حالة موازنة يعيشها القارئ والكاتب معاً باتجاه النصوص. فالقارئ قد تخذله أدواته المعرفية لاستنباط مسار وغايات النص.
والكاتب لا يعي مقدار وحجم الهوة التي خلفّتها كتاباته في ذهن المتلقي.
فكاتب النصوص هو قارئ بالأساس ، لكن قراءته تحكُمها توجهات ورغبات يُمليها على النص ليصل إلى مسعاه في اختراق قوالب المعني ، بينما يبقى عقل القارئ مشدوداً نحو النص، لا يرى المسار الذي يقف عليه الكاتب في بناء النص .
الكلمات
الكلمات
لا تتسع لكل هذا المد
الشعوري
الذي تضطرب أمواجه
على أوتار القصيدة
،،،،
وقفت على حافة
الاحساس كي لا أجرح
رموش الليل
،،،،
إلى شعلة أفقدتني
صوابها
نصوصك القديمة
تقرأ نصوصك القديمة كغريب يقف على عتبة الباب.
لا تتعرف عليك كلماتك التي خرجت من روحك يوماً ما، ولاتتعرف أنت على حقيقة المشاعر التي سكنت بداخلها.
تُمسك مشاعرك بيدك لترى للحظة مقدار المسافة التي قطعتها كلماتك بين الأمس واليوم.
لمجال للمقارنة ، الماضي شبه عدم لا تسطيع إيقاظ حسه داخل شعورك مهما كانت ذاكرتك حديدية ، لن يظهر كقطعة واحدة بل عدة أجزاء متناثرة من صور مختلفة.
والهامش سيختفي خلف ظلال الكلمات ، لن تتعرف عليه ولن تدرك ملامحه التي غيرها الزمن كما غيرك أنت.
مصادفة عجيبة أن تجد أوراق قديمة كتبتها ، لتجد صدى غربتك تنبعث من مسامها وهمسات لا تعيها.
ألم تكن إرادتك التي تنهدت فوق غصون الكلمات واحتضن بوحها وجع السنين، وألمك الذي نزفته وصراعك اللامنتهي مع العالم والأشياء.
أين كل ذلك؟! لقد رحل بضغطة زر من الذاكرة الموجوعة ، التي لم تعد تأبه لشيء ولاتحتفظ بشيء كان حياة في يومٍ ما.
كتب للقراءة
هل جميع الكتب على درجة واحدة من الوعي وحسن الاستبصار ليقرأها الجميع؟
دون أن تتلون عقولهم بآراء وأفكار منتجيها.
بالطبع لا، حتى الكتب ذات القيمة العالية لا تقرأ إلا في أوقات عمرية مناسبة.
فلكل مرحلة عمرية ما يناسبها من القراءة، ولكل مستوى فكري وثقافي ما يؤهله لخوض لجج القراءة.
ليس على الفتيان والناشئة مجاراة الكبار في تلقف تلك الكتب وقراءتها ، لإن النضوج العقلي لديهم غير مكتمل ليجازفوا بقراءتها.
والزج بعقولهم في قراءة الكتب الفكرية والفلسفية تعيق تقدمهم الفكري ، وتصب قوالب جامدة داخل أذهانهم.
ينمو الفكر والعقل مثلما ينمو الجسد ، فما يناسب مرحلة لا يناسب غيرها.
والكتب ذات الفكر العميق في الغالب يغلب عليها أحادية النظرة ، ومن الصعوبة أن يتعالق معها فكروفهم الناشئ.
وتجعله أسير نظرتها التي بنيت على مستوى معين من الفهم فلن يتخلص من تبعية ذلك.
بينما يدع فكره وعقله بين يدي الكتب السهلة البسيطة التي ترّوح عن النفس ، وتكسبه معلومات ومعارف تناسبه.
وتنمي احساسه الفني بالذوق الأدبي والجمال ، ويكتسب قيم الحياة ، ويعي شيئاً من قوانينها.
ثم بعد أن يشب ويتعمق في القراءة ويصبح لديه فكره الخاص عندها يستطيع قراءة تلك الكتب ذات الفكر العميق والأثر الخالد.
نصوص ابداعية
تقتص الشمس
جزء من جدائلها
لينمو بين أصابعها
كهف من
الغرق
●●●●
يتدفق شلال
النهر
وأصابعه تسكن
حواف الجرف
●●●●
يالاظلام اللحظة
التي تتكئ
على أوردتي
●●●●
طائر الكراكي
ينبش أعماق
الليل
وينهش في اللغة
ألف صوت
فضاء النص٢
تنهال معاني النص وتتقاطع مع محاور الواقع لتعبأ الحياة الخاصة داخل ذاكرة المتلقي،فيستفيق المكان والزمان داخل وعيه.
يشتغل القاص كثيراً على المعاني الإيحائية التي تثيرها ألفاظ ومعاني النص، لتصل إلى مستوى شعوري عالٍ عند المتلقي، فيتلقفها ويمتد الشعور متصل بين الطرفين.
عندما لا يتمكن هذا المستوى الشعوري من الصعود داخل النص، سيكف القارئ عن متابعة الحدث، ويتوقف عن القراءة، لإن علاقة التوحد مع النص ستنقطع، وينفصل الوعي الشعوري مابين النص والمتلقي.
كثافة الحس تغطي مساحة السياق لينمو داخل وجدان المتلقي والقاص معاً، ، فكلاهما يساهمان في بناء وحدة النص.
توقيعات
تطير
أسراب الخطايا
يتوجع
العالم.. يتأوه
الألم
•••
أشفق
على المدى
من
ساعة الهذيان
•••
برفق
ينام العالم
على
يدي لتصحو
السنابل
ماهية الشعور
يفتقد الإنسان لماهية الشعور الذي يرافقه طوال الوقت.
يعجز أحياناً عن تحديد فكرة جالت بخاطره، فلايدرك حقيقة أبعادها.
فكرة عبرت الخاطر، واستقرت في الذهن، وارتسمت في الوجدان يترصدها ؛ ولايعي وجودها.
فكيف يتعايش معها؟ ويتخذ موقف حيالها.
الأفكار مثل القرارات نعجز أحياناً عن اتخاذها ووصفها، لإن صورتها لا تكون واضحة أمامنا، وتختفي خلف عدة طرق ، لا نستطيع بمفردنا اكتشافها.
فالقراءة تساعدك على تنمية حواسك في استرشاد مسارات الأفكار
وتساندك في جلبها واستخلاصها من بين أعمدة الوعي.
تفتقر في بعض الأوقات للدقة في تنظيم المشهد داخل عقلك
وتحديد الزاوية الصحيحة للموقف الذي تقوم عليه نظرتك
باتجاه الأشياء.
تتفاجأ مرات بأن الصورة تضخمت أكثر من اللازم، أو أصبح
المشهد باهت واضمحل وتلاشى، بفعل التقديرات التي يخضع
لها حدسنا، وكمية الحقائق المتوفرة.
فقد لا تطابق الحدث ، فيصبح الشعور عالة عليها
يمرر من خلالها كثير من الأمور والأشياء التي لم
تدر في حسابك، ولم تخطر على بالك.
فقد كنت تظن أن اللحظة هي ما تشعر به، لتكتشف بأن
للحظات أبواب وجهات آخرى مؤصدة، غير التي طرقتها داخل
عقلك.
تجارب قراءية
عدم إدراك وعي القارئ بعملية الكتابة ، يجعله يتقصى أثر مرور الكاتب داخل النص.
نعم الكاتب يمر داخل النص ، لكنه ليس صورة طبق الأصل عما كتب.
هناك عمليات فنية وتقنية تخضع لها النصوص، وعلى الكاتب الالتزام بها.
فوجوده داخل النص لا يبرر للقارئ تعمّد البحث والتقصي عنه.
بل يدرك أن النص منزوع من تجربة الناص ، ومفربك بقدر وعي الناص لذلك.
أن كلّ تجربة لها عدة زوايا وجوانب في الحياة، فالزواية التي يختارها الناص لاتكون بالضرورة الأقرب إلى عقله وروحه.
بل قد تكون المنطقة الآمنة الأبعد من التجربة لكيلا تستثير رغبة القارئ في ملاحقته.
لا أبرر مسؤولية الكاتب عما يكتب ، إنما أرجو من القُراء الأخذ بالاعتبار بأن المبدع يُضِيف من روحه وعقله الشئ الكثير للنص.
ليظهر بصورته الحالية ، وقد استنفذ كلّ طاقات وامكانات المبدع الإبداعية.
فللمبدع حقاً على القارئ أن يتقبل وعية اتساع الأفق وامتداد شرايين الحياة داخل النص.
والأ يضّيق على الكاتب المساحة المتاحة داخل نصه.
وأخذ كتاباته كوثائق تعيق تقّدم الإبداع داخل عقل ومخيلة المبدع.
فحصار القارئ للكاتب يجعل الكاتب أكثر تزمتاً وتشتتاً أمام الإبداع .
ولايترك لخياله حرية الإنطلاق نحو أفق الحياة الواسع.
هايكو
ثمة جبل
غارق
في عتمته
➖➖➖
عندما يهطل
المطر
ظل السماء
وحيداً
➖➖➖
النور والقمر
معتمان
بما يكفي
لتنام
حبة جوز
➖➖➖
قوارب الحظ
تصطاد الأمنيات
على مشارف العمر
كلُّ تلك الكلمات
التي دُفِنت تحت رماد السنين
لم تعد صالحة للتداول
...
لن تشعر بتلك الرحلة
الشاقة التي عبرت بها
جسر العمر
...
لم اختبر قدراتي
في إتمام صفقة
مع الأيام
...
الأيام التي تتكئ
على عكاز
عاجزة عن العبور
عبر منافذ الذاكرة
...
يتسلل ضوء خافت
من بين شعاع الأيام
ليغسل درن اللحظات
...
كانت هجمة مرتدة
من الأيام باتجاه
نافذة الحياة
...
الذاكرة مليئة
بالأحلام والأوهام
ظلت خارطتها فوق
جبين الأيام
...
تتسع مساحة الأمل
بداخلك لتبتلع
كل آمالك
...
لاتبدد حياتك
في الوقت الضائع
للأيام
...
الأحلام كأوراق
الشجر
ما يجف منها
سينكسر
...
عندما ينتهي دور الأحلام
ستتوقف عن العمل
فضاء النص
لكل إنسان طريقته في قراءة أحداث الحياة، ومن ثمَ فإن قراء النص الأدبي يختلفون في تحديد الوجهة التي ينطلقون من خلالها إلى النص.
هناك من يستوقفه الحدث والقضية والصراع داخل العمل الأدبي.
وآخر يبحث عن شخصية تاهت داخل النص ليتنفس من خلالها، ويوّثق ارتباطه من خلال اشتراكه معها نفس التجارب والخبرات.
والبعض يجد نفسه داخل المساحات الفارغة ، يملأ ذاته ويعبئ وجدانه من خواطر ونثرات النص.
ومنهم من يكتفي بملاحقة ارتفاع حدة الصدام بين المشاعر المتدفقة أو المتهالكة التي أزعجها انكشاف النص لها.
كتابات ابداعيه
الحياة تتسرب من
يدي
ظل الفجيعة وحده
يراقب المشهد
بصمت
*****
كانت تدندن
في خيمة
الواقع
حتى فارق
الخيال
ظله
*****
يتلاشى
ظل كل
الأشياء
وتغرق أنت
في المساحة
حكم
النقطة الخطأ في الحياة أن تصر على المضي قدماً في طريق تعرف سلفاً خسارتك فيه.
~•~•~•
كل شخص يرى العالم من زاويته ومقاييسه الخاصة.
لا توجد صورة كاملة للأشياء داخل ذواتنا.
~•~•~
الحياة تهبك اللحظات والتجارب وأنت تحدد موقفك منها.
~•~•~
كلّ إنسان يعيش التجربة بطريقته الخاصة.
~•~•~
الحياة أوسع وأشمل من أن تعبأ في كبسولات وتقدم كجرعة.
~•~•~
تدهشك حقيقة الأشياء التي تغيب عن بالك.
~•~•~
نحكم على الأشياء من خلال ما نشعر به لاما نراه وما نسمعه.
~•~•~
قد ترسم مشاعرنا صور للوقائع تختلف عن الحقيقة التي يدركها الآخرون.
ظل
قصة قصيرة
أحضر ورقة وقلماً ، وبدأ بتغيير أرصفة الشوارع؛ أعاد تركيب البنايات.
نقلها قطعة قطعة ، أعاد تشكيلها لتتناسب مع مقاس الورقة.
الشوارع المرصوفة أمامه ظل يتأملها ، يثابر في طيها داخل جعبة الورقة.
لن يتمكن من نقلها الآن .. يحمل بين يديه رصيد كاف من الوقت ليعيد تأثيث المكان.
البنايات ، الشوارع المهجورة ، الأزقة ، كل ما من شأنه أن تفوح منه رائحة المكان.
والزمن ؟ لم ينسه بالطبع ، تأمل عقارب الساعة بجانبه، الحادية عشر مساءاً .
سيطوي في إحدى جيوبه عقاربها، ويعيد تشييدها من جديد.
أمتلك فرص عدة لمنح الوقت آخر أنفاسه.
يدور كمن يلاحق حصان سريع ، يلهث فوق الورقة يمسك بما تبقى من أخيلة تدور رحاها داخل عقله
أمسك مقبض روحه ، وراح يوزع نفسه على المكان.
بدأت الأحداث كخيوط متشابكة . قال لنفسه: سأعيد تركيبها وتفكيكها من جديد، انغمس في عقله مرة آخرى.
نظر إلى ساعته المطوية داخل الوقت ، ما يزال هناك متسع ليراجع ذاكرته، ويفتش في زواياها عن محفظة تركها سهواً، سقطت من فجوة الزمن.
يرتب حصصه مع نفسه ، تبدي حركة يديه في الهواء صور لأشكال متعددة يتبناها عقله.
يرمم جدار مازال ينهار بداخله ، يكافح في صقل روحه، والتماعتها بين أضواء النجوم المتساقطة على ورقته.
من وراء النافذة يشاهد كل ما يجرى خلفها ، يلاحقه بوعيه المغموس في رقعة ضوء، تنبعث خافته من عمود إنارة يضئ بصمت.
يوحي إليه المكان بشيء ما ، أثقل كاهله تذكره ، عليه جلب وعيه معه في المرة القادمة، يشاهد صور أكثر تتساقط منه ، أمام ذاكرته المفتوحة، التي نسي أن يقفل بابها ذات مساء.
راحت تزعجه برنين السيارات ، وهمهمة صوت المطر
إنها تغسل روحه ، تملأ الندوب التي تركت بداخله
يوم أن تصارع مع الزمن في لحظة طيش وغضب .
ترك قلمه يمحو كل أثر لمرور الوقت.
اندس بين أصابعه، راح يمزق آهاته فوق قوالب الأسمنت الجاهزة ليبني فوق الورقة.
لاجدار في الغرفة
لاجدار في الغرفة
التائهة عن
قبضة الأحلام
❇️❇️❇️
لوح بيديك
وأصعد جبال الروح
لتستريح الغيمة
فوق ظلها
❇️❇️❇️
تؤلمني حال
تلك البذرة
التي تشكلت
في الماء
وصار لها لون الموج
❇️❇️❇️
كملاك حزين
تعتق
الوقت
وترتشفه
داخل أقداح
الخيبة
❇️❇️❇️
أتلمس طريق
العودة داخل
روحي
فأجد الجدار
صماء
❇️❇️❇️
محملة بغبار
الهجيرة
اقتني الضوء
فيرسمني شلالات
من ظلال
❇️❇️❇️
القيد في روحي
يجرح
معصمي
❇️❇️❇️
أنامل من
رصاص
تغتال غيمتي
❇️❇️❇️
توجيهات للقارئ
جميل أن تجد هذا الجيل المتعطش للقراءة، والمتأهل لخوض غمارها ولجج بحرها العميق فأقول لهم:
1- تريثوا قليلاً قبل الانكباب على الكتاب، اجعلوا مساحة فيما بينكم وبينه، لتتحركوا بحرية في مواجهة أفكاره وأراءه، حتي لاتغوص عقولكم بداخله ويصبح وبالاً عليكم.
فقد تتشربوا مفاهيم تخالف معتقداتكم، وثقافتكم تضيّق عليكم حجر الزواية واستشراف المستقبل.
٢-اغمسوا ريشة أقلامكم في حبر الكتاب لتحلقوا عالياً ، وقد أدركتم سر الأثر الذي ناله منكم الكتاب.
٣-ادخلوا بكامل أناقتكم الفكرية، وشياكتكم الأخلاقية وتأكدوا من ضبط الجرس عندم يرن داخل عقولكم أثناء مواجهة مالا يتواءم وأخلاقكم ومبادئكم.
٤-القراءة ليست حرب، ولكن تأهبوا واستعدوا لخوض نِزالات الكتب، فهي لاتقل بؤس وعناء عما يصادفكم في الحياة.
٥-ليس من السهل نزع ريشة القلم من عقولكم عندما تدير الكتب رحاها، ثقوا بقدرتكم واراءكم في مواجهة صخب وضجيج الكلمات ، أعني الأثر المنزوع القيمة الذي تحاول بعض الكتب غرسه في عقول الناشئة.
٦-لاتتجاهلوا أمانيكم وأحلامكم التي لايحققها لكم الكتاب ، بل امضوا مثابرين في البحث عن كنزكم المفقود داخل وعي اللحظات.
٧-استمروا في البحث عن فضاءكم الخاص الذي يتناسب وميولكم ، لا ميول ورغبات الكتاب.
كيف تصبح كاتباً؟
نحن لانملك الخريطة الجينية التي تحتفظ بذكائك وانتباهك لما يدور حولك. وحدّتك في التعامل مع الأشياء ، وربما هدوءك ونظرتك الآنية.
كل تلك المحتويات مخبئة داخل خزينة عقلك لايملك مفاتيحها أحد سواك.
أنت من يقرأ الملفات المخزنة بداخلها عن مشاعرك واراءك وتصوراتك تجاه العالم والحياة.
كلُّ تلك الزوايا الحية التي يحتفظ بها عقلك تكون لوحة ارشادية تمدك بما تحتاج إليه أثناء الكتابة.
وعيك القائم على تصورات مشابهه أو مختلفة لما حولك
بصمة روحك المميزة التي لايعرف شفرتها غيرك
تملك مفاتيح كثيرة تستطيع الدخول من خلالها عالم الكتابة.
لتصف نفسك ، شعورك ، انفعالاتك كل مايخطر ببالك ماتشاهده وما تسمعه وماتقرأه كل ذلك لايشاركك أحداً فيه .
تنسل روحك من خفايا ماتكتب، تستمع لصوت ذاتك ينقر في الكلمات التي تبثها من وعيك ووجدانك.
شذرات عن الكتابة
يقف الكاتب والقارئ على نفس المسافة أمام النص.
نقطة الوصول لفهم مستويات النص يقف عليها الاثنان بنفس الدرجة أو مسافة متقاربة جداً.
فكاتب النص مثل القارئ قد لايفطن لبعض معاني نصه، حتى وإن كان هو من كتبها وألفها.
...
تفسير النص يكون موجود داخل النص نفسه ، وليس بيد الكاتب .
ومحاولات الكاتب لإيجاد تفسير ومبرر لهذا النص لاشباع رغبة وفضول القارئ في معرفة تفاصيل هذا النص.
...
التوقف عن الكتابة يجعلك دوماً تبدأ من الصفرعند محاولة الكتابة من جديد، لذلك استمر في الكتابة وإن لم يكن لديك هدف واضح ، ولسوف تتضح الرؤيا فيما بعد.
..
النص يوجد أثناء الكتابة أو قبلها بوقت يسير، وأحياناً يكون مختمر في عقل وذهن الناص ثم يستفزه حدث أو أمر ليظهر للوجود.
..
هناك خط غير مرئي يدركه الكاتب بإحساسه تجاه الكتابة.
فلا ينجرف مع دوافعها ، ولاينساق لمراميها التي تتنافى مع قيمه وأهدافه. يختار الأسلوب المتؤام مع روحه ونظرته ويتوافق مع منهجه.
....
مدى حساسية الاستشعار لديك ، تمكنك من رصد الإشارات المنبعثة من النص، ويرشدك تحرك الردار داخل عقلك وروحك على التحليق داخل أفق الإبداع لفهم إشارات النص وتجلياته المبدعة.
سر الطبيعة
النهر حي
يعيش داخل
زوايا عقلي
لاأصفه للمارة
لكنهم يحدقون
في شبابيك
الألم.. ويدركون
سر الطبيعة
الغاضبة عندما
تخرج من صمتي
خاطرة
تكتشف نفسك داخل كتاب ، تشعر بأنك ولدت من جديد بين صفحاته.
ماأن تتنفس الصعداء حتى تصبح حياتك جزء من الكتاب، وتكون شريك للكاتب في الكتابة ، تندمج مع طروحاته، وتتحد مع معانيه، وتتآلف مع مشاعره وتسبح مع شخصياته نفس المحيط المرسوم داخل النص.وبعد أن تستيقظ من سباتك داخل النص تكتشف زوايا وأركان في عقلك كانت مخفية عنك.
توصلت إليها بفضل القراءة وأقمت جسراً معها ، بعد أن قطعت ماراثون حياتك في البحث عنها.
ربما أننا نملك أكثر من روح ، ولكل روح حياتها المستقلة، تعثر على كل روح داخل كتاب.
القراءة
القراءة تجعل منك شخصاً آخر مختلف.
▪️▪️▪️
القراءة تمنحك وعي أكبر بالحياة، تجعل الحياة تأخذ منحنى مختلف في حياتك
▪️▪️▪️
القراءة وسيلة للتعرف على نفسك والعالم من حولك.
▪️▪️▪️
القراءة تمنحك القدرة على وصف الحالة الشعورية.
▪️▪️▪️
القراءة توضح لك المعاني التي تحملها داخل أعماقك
وتفسرها، وتجعل من السهل الحديث عنها.
▪️▪️▪️
القراءة تحريض على الكتابة، إعادة كتابة للنص
المقروء.
الاشتراك في:
التعليقات (Atom)

