‏إظهار الرسائل ذات التسميات نثرات قراءية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات نثرات قراءية. إظهار كافة الرسائل

الكتابة والكاتب

 ترجمة المشاعر إلى كلمات تأخذ وقت مع الانسان حتى يجيد صياغة ذاته في عبارات وترجمة احاسيسه لجمل يستطيع قراتها كما ترد الى روحه ويقرأها الاخرون كذلك . كل ذلك الوقت وهو ينمي احساسه ، يتعرف خلال مسيرته الكتابية على أصوات تشبهه ، تم يبدأ في صناعة صوته الداخلي الذي لا يشبه أحداً  تمتزج روحه مع أرواح مشابهه له حتى يتيقن من نغمات روحه الخاصة .

متفرقات

 المكان في الرواية

المكان عالَم بمواصفات خاصة يضعها القاص أو يفرضها الحدث.

المكان في الرواية كالقرية المدفونة أو المدينة المنعزلة عندما يكتشفها عقل القاص يعمل على اظهارها وابرازها بالشكل الذي يتناسب مع مستوى العمل الأدبي.

____________ 


بناء الحدث داخل وعي القاص


رؤية القاص للحدث تكبر وتصغر داخل النص بناء على رؤية القاص واعتقاده حول أهمية هذا الحدث.

فالأحداث متراصة أمام الجميع ، لكن الحاسة اللاقطة المتوفرة عند الأديب سهلت سرعة استجابته للموقف وتأثره به.

____________ 


النص بتفاعله مع بيئة الفرد الفكرية والتنظيمية  يتفاعل مع قوانين وقواميس الحياة.

اختزال النص في بقعة ما ، رأي أو زاوية من زوايا الحياة تهدد أمنه وبقاؤه ، تجعله جامد لا يحرك الحياة.

فالنصوص لا تفقد حيويتها بانتهاء الزمان والمكان الذي ولدت فيه بل تمتد إلى أجيال متعاقبة. 


القراءة بُعد آخر للنص

 تختلط عناصر النص مع بعضها لتتحد ذراته مع ذات الناقد.

فتحس بحالة ابتعاد النص عن الناص واقترابه من الناقد.

هذا يحيل القارئ إلى الاندماج في القراءة النقدية ، وفي الدور الذي رسمه له الناقد ليبني صوره ورؤياه من خلاله.

والواقع أن على القارئ اكتشاف النصوص بنفسه ولا مانع في بعض الأحيان من الاستعانة  بآراء الناقد ، لا تكون من أجل الحصول على نتيجة نهائية حول النص بل لمعرفة استقراءات متعددة حول النص وفهم بعض ما يشكل على القارئ .

فالرأي حول النص مُلك للقارئ  ، فقد تتمثل صور في مخيلته تختلف عمّ  قراءه من الناقد.


الواقع والكتابة

بين حياة الواقع وحياة الكتابة خيط رفيع لا يتمكن من رؤيته إلا من أوتي بصيرة نافذة في الحكم على الأشياء (توفيق من الله ) وخرق للقوانين التي تحكم العالم.

لا تتشابه القوانين ما بين عالم الكتابة والوقع .

في الكتابة تستطيع التعايش مع مختلف الأوضاع والصعوبات التي تظهر لك وتواجهها بحدسك. 

بينما في الواقع الوضع مختلف ، فالقوانين السائدة التي تحكم أي مجتمع أو عالم لا يمكن تغييرها بين لحظة وأخرى ، بل يتطلب الأمر بضع سنوات أو عقود حتى يتم الأمر بالصورة المأمولة .

فالواقع يفرض قوانينه ودوافعه على الإنسان . بينما في الكتابة أنت تفرض قوانينك وأحكامك الخاصة بك.

تصف الحياة داخل الكتابة والحياة في الواقع ولا يعني ذلك أن تصف  جدية الأفكار المطروحة  في موضوعات الكتابة من حيث تقييمها أو سلوك منشئِيها بل الجانب مختلف تماماً .

فعوالم الكتابة معنية باكتشاف وسبر أغوار العوالم الداخلية للنفس البشرية  وتفاعلاتها المختلفة مع شتي صور الحياة وتقلباتها، والنوازع التي تغلف سلوك الأفراد وتتحكم  في ميولهم ورغباتهم. كل ذلك العالم يتشكل بين يدي الكاتب والقاص لينسج مواده البنائية  من عناصر الإنسان المتشكلة من هويته وطبيعة الموجودات  من حوله . وفي الواقع لا تستطيع نسج حياتك أو حياة الآخرين  وفق ميول ورغبات تمتلكها  بل الجميع يتعايش وفق قوانين معتادة ومذاهب متعارف عليها والتغيرات الحاصلة تحدث على فترات متباعدة .


حول الكتابة

 الإبداع أن تدخل عالم غامض عنك ، لا تدري ما الذي يوجد بداخله ، لا تعرف تفاصيل العمل الذي تنشئه مثل الصياد الذي يرمي صنارته ولا يعرف ماذا سيصطاد ربما سيعلق بصنارته ؛ مسمار أو جزرة أو حتى رنجة حمراء .

كذلك الكاتب سطر واحد يومض في عقله ثم يمسك قلمه ولا يدري أن ستوصله الكلمات . والأفكار تبدو في مخيلته كقطع النحاس المتناثرة  عليه تجميعها  وتشكيلها بما يتناسب  مع شكل المنتج النهائي للفكرة .

وكل كاتب يتفاعل مع الفكرة من الزاوية التي تورد إلى  ذهنه.

قد يتعثر مشروع الفكرة ويتخذ له مجرى مختلف عما أراد له الكاتب ، مثل السيل يرتطم بصخور ويغير مساره كذلك النص يتشعب ويتفرع بين يدي كاتبه . وأحيانا لا يملك الناص حلول سحريه لتحديد هوية النص. 

فالكاتب يعيش بخياله على الورق ويقتطع جزء من ذاكرته ومشاريعه الذاتية وأفكاره لتندمج داخل نصوصه

الكتابة تنبع من احساس الكاتب وشعوره وانفعالاته وكل ما يحيط به من دوائر حياتيه وذهنية، وكل دائرة تشكل هوية لكتاباته.


خارج النص

 لنتحدث قليلا خارج النص ، بعيداً عن أجواء الكتابة ولنعيش لحظات مع كواليس الكتابة المصنع الخلفي  الذي تدار منه عملية رصف الأفكار والكلمات ، مصنع المقالات والموضوعات التي تكتب .

 لنبدأ أولاً بالمسودات .

المسودات :-

تتجمع لدي الكثير من المسودات وفي الغالب لا أجد وقت لتفريغ أكثر الموجود عندي بل اكتفي بالأشياء التي أراها مهمة والباقي انظر فيه تباعاً حسب الوقت والحاجة.

لي طريقة غير جيدة في كتابة المسودات وتعتبر لازمة ترافقني طوال عملي ومشواري في الكتابة،  وهي الكتابة بخط غير واضح وعندما تحضرني الفكرة و تلح علىّ أبدا في كتابتها بشكل عشوائي وغير منظم على سطح الورقة واتناول أي شيء بجانبي لأدون عليه بسرعة وقد تكون الورقة مكتوب عليها مسبقا وتصبح الخطوط متداخلة والأفكار تتخذ شكل المنحنيات والمتعرجات ، لا اكتب على الورقة بشكل مثالي بل أبدا من المنتصف أو أحد الجوانب لأصل إلي ضفة الجانب الآخر وأحيانا استخدم الأعداد لترقيم أجزاء المقالة الواحدة لأن كل فقرة بعيدة عن الأخرى وقد تكون في صفحة مستقلة على الرغم من أن حياتي منظمة وتسير وفق ترتيب مثالي – الحمدلله - إلا أن كتاباتي على العكس تماما - أقصد من ناحية الشكل على الورقة .


عدة الكاتب:-

وهي الأدوات التي أراها ضرورية من وجهة نظري  وتواجدها يخفف عن الكاتب ؛ تنظم عمله وتسهل اداء مهمة الكتابة .

فالترتيب والتنظيم من مهام الكتابة الأساسية لأن تواجد أعداد هائلة من الورق المكتوب عليه سيشتت انتباه الكاتب إن لم يحسن ترتيبها وتنظيمها ، والأجهزة الحديثة تقوم بأغلب المهام الآن من الكتابة والحفظ إلى آخره ولازلت لا أستغني عن الورقة والقلم.

احرص على اقناء الأقلام الجيدة ؛ كي لا تتفاجأ بتوقفها  أثناء الكتابة .

جربت استخدام دفاتر كبيرة الحجم في الكتابة  لكنها غير عملية بالمرة .

بعد أن تصبح المسودات جاهزة أقوم بنقلها على ورق  A4وتبدأ مرحلة جديدة من التصنيف والتنسيق وأجمعها على شكل ملازم (مُذكِرات) ليسهل حفظها ومراجعتها.

أردت الإسهاب في هذا الموضوع ، لكن اعتقد بأن الجميع يستخدم التقنية الحديثة ، فلا داعي لمواصلة الحديث عن الأدوات التي قد يستغني عنها الكثيرون . 







من فضاء النص

 يمتلك القاص أدواته الفنية والإبداعية في رسم خطوط عريضة لحياته التي يعيشها، و حياة الآخرين عندما يتحدث عنها.

كل فنان له مواهبه الخاصة التي تمكنه من اتقان عمله، إن أحسن إدارة تلك الموهبة وامتلك الأدوات الضرورية المساعدة له في عمله 


على  الورق يحاول رسم الواقع، من خلال نظرته الخاصة، وأسلوبه في الحياة ؛ يرسم ما يراه بخياله وماتتمثله خواطره ورؤيته.


القاص مدّرب على عدة أنواع من الخيارات تتيح للقارئ فرصة لقراءة الحياة، وإعادة الحسابات فيما يعتقده من أفكار مطابقة أو مناهضة للواقع والقيم.



الكتابة عالم استقلالي

 الكتابة تستقل وتنفرد بذاتها عن ذات الفرد.

تكون جزء من عالمه ، لكنها لا تمثل حقيقة عالم ودوافع الإنسان.

الكتابة تعبر عن الصورة المماثلة في الخيال بصرف النظر عن حقيقتها.

تعيش لحظتين في آن واحد ؛ لحظة الخيال ممزوجة بالواقع أو

 مختلطة به ولحظة الواقع مقترنة بالخيال  فتكون الصورة الثالثة

 مزيج من الاثنتين معاً.

تصبح الصورة مشوهة إن بالغت في وصفها ، وحالمة إن تعمقت في الخيال وجنحت بعيداً عن أرض الواقع.

الكتابة مزيج من الرؤى والمسلّمات والعناصر ترتبط فيما بينها لتؤلف

 وحدة النص ، وتختلف في مصداقية عمقها وقربها من الواقع.


القراءة واكتشاف الذات

 

تلهمك القراءة المعرفة داخل حدودها بأهمية الذات والتعرف عن كثب عن محتوياتها ومفاهيمها.


الإنسان بمفرده لايستطيع اكتشاف أكثر العوالم المجهولة عنه ومنها الذات.

التعاون المثمر الذي ينتج بفعل القراءة ، يكون السبيل الوحيد لمعرفة كيف تفكر؟ وكيف يعمل عقلك؟ ...الخ

وكثير من الأسئلة التي تدور داخل مخيلتك تجيب عنها القراءة.

يعيش الإنسان بمعزل  عن ذاته خارج القراءة، وتنظم إليه أفكاره وذاته مع القراءة ليتشاركا في خلق الإبداع ، ويستشعر المواطن التي تعزز شعوره وحدسه  وتثير بداخله نوازع وقيم ما كان ليتعرف عليها لو بقي محجوز داخل ذاته .

تنشئ القراءة لديك قوة الدافع وتحفيزك لاجتياز عتبات الحياة.

بما تمنحه لك من انفتاح غير مشروط على دروبها ومسالكها التي لا تفطن إليها في الغالب.

يتفتح ذهنك عليها وتستقر رؤيتك باتجاهها.




العوالم القصصية

 نتجول داخل العوالم القصصية للمتعة والفائدة، واكتشاف عوالم جديدة.

وصور خاصة يبثها القاص لنستمتع برؤيتها ونشاركه رسم معالم الوجود.

كل ذلك يحدث ونحن مهووسون بالبحث عن امتلاك زمام المبادرة أمام النص لنحرّك وجهة العدسة لالتقاط العبارات والمعاني التي أراد الكاتب ايصالها.

عندها لن نقف عاجزين عن التقاط المدهش والمثير الذي حرك الرغبة لاكتشاف المزيد من الروعة والجمال فيما حولنا.

أو أصابنا بالخيبة نتيجة صعقنا بكم وافر من المشاعر المتناثرة والاحاسيس المجروحة التي صفعت صمتنا تجاه الأشياء.

وعدم احتساب قيمة الأشياء داخل الوعي وتجاهلنا لكثير من مجريات الأحداث فيما حولنا.

فأهمية الأشياء في حياتنا تحدد حاجتنا إليه.

هذا ما يحدث عندما نقرر نسيان أو تناسي أو تجاهل ما نعتقد عدم أهميته.

فقد يمثل للآخرين ركيزة ودعامة من دعائم حياتهم.


 أتمنى على القارئ مضاعفة جهده لفهم النص ، دون تقييد حريته، ومنحه يقظة داخل الوجدان.

النصوص لها مداخل ومخارج داخل أفاق الكتابة، فالاختيار الجيد لابد أن يكون صفة ملازمة لكلّ قارئ، يختار ما يناسب ذوقه وطموحه في الحياة.

والا يسمح للنص والناص فرض سيطرته ورقابته عليه. إنما القارئ من يحدد اتجاه القراءة نحوه. واتجاه الفكرة ؛ إضافة وتعديل ومراجعة كلّ ما من شأنه أن يتنافى مع ثقافته _ يتم هذا داخلياً في وعي القارئ_

لا أنصح القارئ أبداً بتسليم إرادته للنص والناص معاً ، بل اقتفاء أثرهم داخل مخيلته، واختزال ما يراه مناسباً.

فحسن الاختيار من القارئ للنص ضرورة من الضرورات التي يدعو لها الكاتب دوماً.


افرض نفسك على النص، قاوم بشدة تسليم إرادتك للنص السيء لأنه لا يستحق أدنى التفاته.

كلّ ما من شأنه أن يتدفق إلى عقلك الباطن سيبقى أبد الدهر ، لن تمحوه السنين، ابقى مع النص الجيد ، عش تجربته وانفعالاته.



 نصائح للمبتدئين في الكتابة

 

لا تبحثوا عن الشفقة من القراء ، قاموا عجزكم وضعفكم بالاعتماد على أنفسكم _ بعد العون من الله سبحانه وتعالى_ لا تطلب ذلك عنوة من أحد.


تجنبوا الخوض في تفاصيل لاتهم أحداً سواكم بعيدة عن روح الأبداع والعمل الأدبي.


تتبعوا خُطاكم داخل النصوص ، قاوموا الزلل والخلل الذي ينتج من كثرة تدفق الأفكار.


ابعدوا الأفكار السلبية التي تعلق بأذهانكم لحظات الإبداع.


ابحثوا عن الحس الوجودي والشعوري داخل التجربة ، فمن الابتذال في الكتابة تسول المشاعر والعواطف من القراء.


ابنوا قوانينكم الخاصة للأبداع وطوروها باستمرار.



تجنبوا الوقوع في مزالق الكتابة ، فالكتابة قد تجر الكاتب نحو أمور وقضايا شائكة.


اياكم والاندماج مع خواطركم غير المستساغة والتجارب غير الناضجة للأبداع.


جربوا مراراً وتكراراً الكتابة ثم فكروا بالنشر.


اسسوا قواعدكم الخاصة بكم ولا تسرفوا  في اقتفاء كل أثر، بل ازرعوا بذور الثقة بذاتكم. 


 يريد القارئ أسباب تُعينه وتقّويه على معنى وفعل القراءة.

فالقراء يختلفون باختلاف قراءتهم والكتب التي يقروأنها، فلكل قارئ عالمه الذي يطمح إليه.


فالقارئ الذي ينصت باهتمام لما كُتب لا يعنيه أمر القراءة  بقدر ما يريد الحصول عليه ،معرفة أو فضول  أورغبة تسيطر عليه أثناء القراءة، يريد اثبات ملكية ذلك الشيء الذي يبحث عنه.


توجد أسباب متعددة لقراءات مختلفة. فالقراءات المتعددة تفرز خيارات متنوعة ، وبإمكان القارئ أن يبحث عن ما يعنيه داخل السطور.


النص والقارئ

 تداخل الانفعال بين النص والقارئ


يأخذنا القاص في رحلة داخل الأعماق لنكتشف جزء من الحقيقة المغيبة عن أذهاننا.

ونكف عن مسايرة رغباتنا في التخلص منها، لنحوّل دفة الصراع مع العالم الخارجي باتجاه ذاتنا.

فهناك في الأعماق ما يثير الدهشة ، وحرى أن نبحث عنه وأن نفتش في البقايا عن لحظات صمت تركت معلقة، وعن فراغ يحيط بالحياة.

ويجمد المشاعر ، فراغ لم نستطيع تفكيك رموزه وحل عناصره.

لعله يحمل الكثير من الحلول لمشاكل تؤرقنا وتثقل كواهلنا.



قراءة في قصيدة

 قراءة في قصيدة "بعيداً عن العراق"

للشاعرة بشرى البستاني



كل شيء يمكن تأجيله

إلا حضورك

ودمعة ساخنة


حضور باذخ لغياب حاضر في ذهن القصيدة ، يتربع على وعي السامع أو القارئ المتخيل ، داخل النص وخارج السياق.

تمتلأ إراداته بشغف التعلق بشيء ما، يدركه الوعى ، مركون في زاوية من زوايا روحه  وخبايا عقله.

يستنطقه النص ؛ ليملأ فراغ الفضاء ، ويفصح عن مكنوناته الغائرة في عمق الذاكرة. ويستدعيه على البوح ضمن آفاق الممكن والا مستحيل.


لا أستطيع أن أقول لحضورك انتظر

فالحرب تلعب في العراء

وأنا غير راضية عني

لأني بقيت واقفة ودجلة يبتعد


تضاد حركة الفعل مع الزمن ، داخل مخيلة الشاعر يحدد هوية النمط الذي يرسمه حول معصم الواقعة ، أو الحدث ، فهو من ينفث روحه داخل الوعى لتتسرب ، معطياته واتجاهه نحو حدث ما ، ويستقرئ مكامن الوجع ، داخل سحابة الوقت التي تمضي سريعاً دون رحمة في تقصي كشف حقائق أسرار الوجود  ونزع اعترافات تتواءم وسلوك اللحظة.  

بقيت واقفة ودجلة يبتعد.  أصبح الوطن كالسراب ، يتلاشى أمام نظرها ، وهى واقفة تنظر إليه .

عندما تصاب النفس الإنسانية ، تشكلنا برؤيتها، ليتدفق الإبداع في البحث عن مكامن الفقد والبعد والحرمان.

فتصبح الزوايا خيوط أو شبكة نمسك بها، ونحرك العالم كيما نشاء بالكلمات.

فتتحرك الأشياء الساكنة أمامنا، ونجعلها من تغادر.

حجم الفاجعة كبير جداً وثقيل على النفس، لذلك تنجرف معه كل الأحلام ، والآمال ، والأوطان.

لنسقط في هوة الوداع المقيتة، التى فرضتها قيود الحياة.



بعيداً عنك

لا أنام ولا أصحو

وانتظر الهدهد


تكتمل مشهدية الإنتظار ، بنزوع النص نحو تفكيك الوجع، وتأصيل مشروعية اللقاء المرتقب، العودة إلى الحضن الدافئ ( الوطن).   

     

إذا كنت هناك أتننفسك

فماذا سأتنفس وأنت بعيد..؟

أه... ما أوجع أن أتنفس بعيداً

عنك

عن مياهك التي تطوق ذاكرتي

ودغلك الذي يوشوشني

وعن الرصاص الذي لم يتعب من الخطيئة


لم يعد سراً اكتمال مشهدية الوجع ، وقد بلغ منتهاه .

تركت باب النص مفتوح ، لنمضي في تقصي حقائق هذا الكيان ، بحض الذاكرة على الاستقلاب- من  (الانقلاب ) على الوجع ، وترقيع حدوده.  والتغلب على مصادرة كتمان الإحساس بالفراق والبعد.

والبوح بمشاعر أنهكتها الذكريات والحرب.       

استقرار نمطية الوجع داخل مفهوم الوعي ، يفرض نظام محدد مع

 علاقات الشاعر بالأشياء، والأمكنة ، والأزمنة فهي تتألف حسب

 مقتضى الشعور.


كلما علمتني قانون التعود 

يعاودني صوتك مستفزاً

براعُتكِ في القدرة على كسر القانون

فأختار البراعة وأكسر القانون

وأتبعك


كل شيء يصبح عصي على الفهم ، عندما تتفلت ارادة الحياة 

داخل الوعي ، لتقف النصوص في مواجهة الواقع الذي يرفض الانصياع لقوانين وارادة الحياة.



غيابك وزر يجثم على صدري

وزر يقطع أوصال صبري

آه.. من المجروح أنت أم أنا..؟


في جزء من الذاكرة يحتاج إلى ترميم، يظل يقتات من حياتنا،ويشعل فتيل الثورة داخل المشاعر، لتتم على يديه إبادة ما تبقى من أمنيات.

                                                                       

على كتفيك تنفرط عناقيد وجعي 

ويموت البجع الأخضر في دمي 

وأضل متشبثة بساعديك

بينما القطار يدهسنا

تنفرط عناقيد الوجع، فنتشبث برداء الأمل ليغطي ضجيج الروح  وينتشل الوهم من أضلاع الحقائق المكتنزة داخل طوابير الإنتظار .  ليمضي الزمن وقد أخذ معه ما تبقي من حلم العودة إلى الوطن. 


قلت لي ، نولد ونمو ت فرادى

قلتُ، لماذا أنتظرك صباح ومساء إذاً


ينغمس النص في سؤال تكتمل معه بنية الحوار

المنزاح داخل ذات أرهقها الإنتظار.


نهران يشتعلان في دمي

نهران من خمر وشهد وحمى

وتراب من زبرجد

حمى الوجع تستشري نيرانها تتغذى على يقظة اللحظة 

   لتغافل القصيدة عن مسارها داخل الوعي فيحكم اغلاقه على مسارات الهمس داخل مسام القصيدة.




أتمرن كل ليلة على

جملة واحدة

عذبتني وسأنسك

أتمرن على همس

لا أحبك

فمن يمحو اللاءات

فجر كل يوم

ويثبت على اللوح

المحفوظ.. أحبك!

تتعذب القصيدة بين يدي الشاعر عندما يمنحها كنوزه

فترسم لاءاته في وجه الفعل المتعدي على قدسية اللحظة .



الكتابة

 الكتابة إعادة قراءة للنص المكتوب بزاوية متدرجة أو مكثفة للرؤيا التي خرجنا بها من النص.

```

الكتابة فعل مجازي يحرّض على البحث عن صور ومعاني للحياة.

```

لا يكون لديك تصور مسبق ولا أدنى فكرة عما تكتب في معظم الأحيان.

```

مساحة التعبير تضيق في جهة وتتسع في جهة آخرى.

```

ما أكثر ما نجد أنفسنا محاصرين داخل شعب الكلمات وتفرعات المعاني.

```


طبيعة العلاقة بين النص والناص

 


 عندما ينتهي الكاتب من كتابة نصه؛ يصبح النص غريب عنه، فهو مثل القارئ يجهل أبعاد وأعماق النص، ولايعي درجة امتثال النص له.


للنص كيان وحيز يتصل بالناص وقت الكتابة ثم ينفصل عنه، ويصبح له شخصيته المستقلة التي تفرض وجودها على الناص والقارئ معاً.

القارئ يريد معرفة الحدود التي يضع الناص نفسه بداخلها أثناء الكتابة ويرغب في معرفة تفاصيل العملية الكتابية، لديه تساؤلات عديدة حول النص من خلال الناص.


وذلك لا يمكن للناص معرفته والتكهن بما فيه.

بعض أسئلة القرّاء لمعرفة أدق تفاصيل العمل الأدبي  لا تعني الناص بقدر ما يعنيه الجهد المبذول في سبيل إتمام عملية إنشاء وبناء النص.

و لا يملك حلول لتلك الأسئلة التي  تدور حول طريقة انشاؤه للنص، أو تحديد نوعية العلاقة التي نشأت بينه وبين النص ، فهي أشبه بعلاقة عابرة ، أقتص الناص تلك اللحظة ووثقها .

بأن جمدها وايقظها داخل إحساس وشعور القارئ. الناص  يشتغل على ذات النص بعيداً عن السبب الذي دفع بالنص للظهور والمثول أمامه.

  

نماذج من القرّاء

 تقرأ نماذج من كتابات محبي القراءة والّشغُوفِين بها، لتجد بوناً  شاسعاً بين قراءتهم  وكتاباتهم التي  لا تتماشى مع حجم الفضاء الذي نشأت فيه أفكارهم ، ونظرتهم  السطحية تجاه الأحداث والمواقف، لا أقول البعض أو معظمهم بل فئة منهم.


يبدو أن القراءة تبدد نشاطهم الذهني وتجعل من القارئ أسير نظرة الكتّاب الذين يقرأ لهم، فلا تجد العمق الذي ترنو إليه ولا الدهشة التي تجذبك نحو النص.


من الواضح أن هناك حالة موازنة يعيشها القارئ والكاتب معاً باتجاه النصوص. فالقارئ قد تخذله أدواته المعرفية لاستنباط مسار وغايات النص.


والكاتب لا يعي مقدار وحجم الهوة التي خلفّتها كتاباته في ذهن المتلقي.


فكاتب النصوص هو قارئ بالأساس ، لكن قراءته تحكُمها توجهات ورغبات يُمليها على النص ليصل إلى مسعاه في اختراق قوالب المعني ، بينما يبقى عقل القارئ مشدوداً نحو النص، لا يرى المسار الذي يقف عليه الكاتب في بناء النص .


كتب للقراءة

هل جميع الكتب على درجة واحدة من الوعي وحسن الاستبصار ليقرأها الجميع؟

دون أن تتلون عقولهم بآراء وأفكار منتجيها.

بالطبع لا، حتى الكتب ذات القيمة العالية لا تقرأ إلا في  أوقات عمرية مناسبة.


فلكل مرحلة عمرية ما يناسبها من القراءة، ولكل مستوى فكري وثقافي  ما يؤهله لخوض لجج القراءة.


ليس على الفتيان والناشئة مجاراة الكبار في تلقف تلك الكتب وقراءتها ، لإن النضوج العقلي لديهم غير مكتمل ليجازفوا بقراءتها.


والزج بعقولهم في قراءة الكتب الفكرية والفلسفية تعيق تقدمهم الفكري ، وتصب قوالب جامدة داخل أذهانهم.


ينمو الفكر والعقل مثلما ينمو الجسد ، فما يناسب مرحلة لا يناسب غيرها.

والكتب ذات الفكر العميق في الغالب يغلب عليها أحادية النظرة ، ومن الصعوبة أن يتعالق معها فكروفهم  الناشئ.


وتجعله أسير نظرتها التي بنيت على مستوى معين من الفهم فلن يتخلص من تبعية ذلك.

بينما يدع فكره وعقله بين يدي الكتب السهلة البسيطة التي ترّوح عن النفس ، وتكسبه معلومات ومعارف تناسبه.

وتنمي احساسه الفني بالذوق الأدبي والجمال ، ويكتسب قيم الحياة ، ويعي شيئاً من قوانينها.

ثم بعد أن يشب ويتعمق في القراءة ويصبح لديه فكره الخاص عندها يستطيع قراءة تلك الكتب ذات الفكر العميق والأثر الخالد.


فضاء النص٢

 تنهال معاني النص وتتقاطع مع محاور الواقع لتعبأ الحياة الخاصة داخل ذاكرة المتلقي،فيستفيق المكان والزمان داخل وعيه.


يشتغل القاص كثيراً على المعاني الإيحائية التي تثيرها ألفاظ ومعاني النص، لتصل إلى مستوى شعوري عالٍ عند المتلقي، فيتلقفها ويمتد الشعور متصل بين الطرفين.


عندما لا يتمكن هذا المستوى الشعوري من الصعود داخل النص، سيكف القارئ عن متابعة الحدث، ويتوقف عن القراءة، لإن علاقة التوحد مع النص  ستنقطع، وينفصل الوعي الشعوري مابين النص والمتلقي.


كثافة الحس تغطي مساحة السياق لينمو داخل وجدان المتلقي والقاص معاً، ، فكلاهما يساهمان في بناء وحدة النص.